الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

الاضحيه

الاضحيه


الأضحية
بسم الله الرحمن الرحيم
عن البراء بن عازب ، رضي الله عنه ، قال : خرج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يوم أضحى ، فصلى العيد ؛ ثم أقبل بوجهه ، وقال : ( إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ، ثم نرجع فننحر ، فمن صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ، ومن نسك قبل الصلاة فإنما هو لحم عجله لأهله ليس من النسك في شيء ) ، وفي رواية : ( من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فلا يذبح حتى ينصرف ) ، فقال أبو بردة بن نيار خال البراء : يا رسول الله فإن نسكت شاة قبل الصلاة ، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب ، وأحببت أن تكون شاتي أول شاة تُذبح في بيتي ، فذبحت شاتي ، وتغديتُ قبل أن آتي الصلاة ، وأطعمت أهلي وجيراني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( شاتك شاة لحم ) ، قال : يا رسول الله فإن عندنا عناق لبن ؛ جذعة من المعز هي خير من شاتيْ لحم ، أفيجزئ عني ؟ قال : ( نعم ، ولن تجزئ عن أحد بعدك ) ، [ رواه البخاري ] .
هذا الحديث رواه البخاري في اثني عشر موضعًا من ( صحيحه ) ، وروى أيضًا حديثًا في نفس القصة عن أنس ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى يوم النحر ، ثم خطب ، فأمر من ذبح قبل الصلاة أن يعيد الذبح ، فقام رجل من الأنصار ، فقال : يا رسول الله جيران لي - إمّا قال : بهم خصاصة ، وإمّا قال : فقر - وإني ذبحت قبل الصلاة وعندي عناق لي أحب إليّ من شاتيْ لحم ، فرَخَّص له فيها ، قال أنس ، فلا أدري أبلغت رخصة من سواه أم لا .
ورَوى أيضًا عن جندب بن سفيان البجلي قال : ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحياه ذات يوم ، فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة ، فلما انصرف رآهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة ، فقال : ( من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى ، ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله ) .
فهذه الأحاديث الثلاثة التي رواها البخاري بطرق متعددة ، لعظم الفوائد المستنبطة منها ، فهي دالة على مسائل هامة ، منها :
أن الصلاة قبل الخطبة ، وهذا في العيدين خلافًا للجمعة ، وقال في ( الفتح ) : قال الزين بن المغيرة : الصلاة ذلك اليوم هي الأمر الأهم ، وأن ما سواهما من الخطبة ، والنحر والذكر ، وغير ذلك من أعمال البر يوم النحر فبطريق التبع ، وصلاة العيد ركعتين يكبر في الأولى سبعًا ، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة ، قال ابن دقيق العيد : وجميع ما له خطب من الصلوات ، فالصلاة مقدمة فيه إلا الجمعة وخطبة يوم عرفة .
وقت صلاة العيد
في ( الفتح ) قال ابن بطال : أجمع الفقهاء على أن صلاة العيد لا تصلى قبل طلوع الشمس ولا عند طلوعها ، وإنما تجوز عند جواز النافلة . ( انتهى ) .
وقال البغوي في ( شرح السنة ) : ويستحب أن يغدو الناس إلى المصلى بعدما صلوا الصبح لأخذ مجالسهم ويكبرون ؛ ويكون خروج الإمام في الوقت الذي يوافي فيه الصلاة وذلك حين ترتفع الشمس قيد رمح ، ثم المستحب أن يعجل الخروج في الأضحى ويؤخر الخروج في الفطر قليلاً . ( انتهى ) .
وليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة ، وهي تؤدى في الجماعة ، وليس المسجد شرطًا في صحتها ، ويؤمر الناس بالاجتماع فيها ، ويشهدها النساء ، حتى الحيض يشهدنها ، ويعتزلن الصلاة رغبة في شهود الخير ، ويكبر الناس في المنازل والطرقات والأسواق حتى يبلغوا المصلى ، فيكبرون مع الناس ، وفي الحديث عن أم عطية : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُخْرِجَ في العيد العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين .
قال ابن دقيق العيد : والمقصود بيان المبالغة في الاجتماع وإظهار الشعار .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل يوم الفطر قبل الصلاة لحديث أنس عند البخاري : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترًا ، أما يوم الأضحى فهو يوم أكل وشرب ، كما جاء في حديث البراء عند البخاري ، وهو يوم يشتهى فيه اللحم ، كما في حديث أنس ، فلعل هذا يشير أن الأكل إنما يكون من الأضحية .
أما حديث بريدة : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَم ، ولا يَطْعَم يوم الأضحى حتى يصلي .
فالحديث وإن أخذ الفقهاء بما دلّ عليه إلا أن أسانيده لا تَسْلَم من مقال . ( قاله ابن حجر في الفتح ) .
ثم قال : قال ابن المنير : وقع أكله صلى الله عليه وسلم في كل من العيدين في الوقت المشروع لإخراج صدقتها الخاصة بهما ، فإخراج صدقة الفطر قبل الغدو إلى المصلى وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها ، واجتمعا من جهة وافترقا من جهة أخرى . ( انتهى ) .
قال في هامش ( شرح السنة ) : قال الحاكم في ( المستدرك ) : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي على تصحيحه وصححه ابن حبان وابن القطان .
وصلاة العيد ركعتان بغير أذان ولا إقامة ، ولا يصلى قبلها ولا بعدها ؛ يكبر في الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبعًا ، وفي الثانية بعد تكبيرة الانتقال خمسًا ، يرفع اليدين في كل تكبيرة ، يقرأ بعد الفاتحة في الأولى : ( ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيد ) ، وفي الثانية ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَر ) ، أو يقرأ بعد الفاتحة في الأولى : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) ، والثانية : ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ) ، ويُسن أن يأتي من طريق ويرجع من آخر .
وفي الحديث الأمر بالأضحية وفضلها وحكمها ، أما عن فضلها وثوابها ، فلقد أخرج الترمذي وابن ماجه عن عائشة مرفوعًا : ( ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحب إلى الله ، عز وجل ، من هراقة الدم ، وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها ، وإن الدم يقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفسًا ) ( 1 ) .
أما عن حكمها : فلقد اختلف أهل العلم بين الوجوب والندب : الأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمنها ، وهي من النفقة المعروفة ، فيضحى عن اليتيم في ماله ، وتأخذ المرأة من مال زوجها ما تضحي به عن أهل البيت وإن لم يأذن في ذلك ، ويضحي المدين إذا لم يطالب بالوفاء .
قال العيني في ( العمدة ) : قال سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعلقمة والأسود والشافعي وأبو ثور : لا تجب فرضًا لكنها مندوب إليها ، من فعلها كان مثابًا ، ومن تخلف عنها لا يكون آثمًا ، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وبلال .
قال الليث وربيعة : لا نرى أن يتركها الموسر المالك لأمر الأضحية ، وقال مالك : لا يتركها ، فإن تركها بئس ما صنع ، إلا أن يكون له عذر - ثم قال العيني - وتحرير مذهبنا ، أي : الأحناف ، ما قاله صاحب ( الهداية ) : الأضحية واجبة على كل مسلم حر مقيم موسر في يوم الأضحى عن نفسه وعن ولده الصغار .
ودليل القائلين بالندب حديث أم سلمة مرفوعًا : ( من رأى هلال ذي الحجة منكم وأراد أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) ، والتعليق بالإرادة ينافي الوجوب .
ودليل القائلين بالوجوب حديث ابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعًا : ( من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا ) ، ومثل هذا الوعيد لا يلتحق بترك غير واجب .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : أما الأضحية فالأظهر الوجوب ، ( ثم قال ) : ونُفَاة الوجوب ليس معهم نص ، فإن عمدتهم قوله صلى الله عليه ، وسلم : ( من أراد أن يُضحي ) ، قالوا : فالواجب لا يتعلق بالإرادة ، وهذا كلام مجمل ، فهو كقوله : ( إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ) [ المائدة : 6] ، وقد قدروا فيه إذا أردتم القيام ، وقدروا : إذا أردت القراءة فاستعذ ، والطهارة واجبة ، وقوله : ( من أراد أن يُضحى ) ، كقوله : ( من أراد الحج فليتعجل ) ، ووجوبها حينئذ مشروط بأن يقدر عليها ، فاضلاً عن حوائجه الأصلية كصدقة الفطر ، فليس كل أحد يجب عليه أن يضحي ، وما نقل عن بعض الصحابة أنه لم يضحِ ، بل اشترى لحمًا ، فقد تكون مسألة نزاع كما تنازعوا في وجوب العمرة ، وقد يكون من لم يصحِ لم يكن له سعة في ذلك العام .
وأراد بذلك توبيخ أهل المباهاة الذين يفعلونها لغير الله ، أو أن يكون قصد بتركها ذلك العام توبيخهم ، فقد ترك الواجب لمصلحة راجحة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتُقام ، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب … ) ، فكان يهم أن يدع الجمعة والجماعة الواجبة لأجل عقوبة المتخلفين ، فإن هذا من باب الجهاد الذي قد يضيق وقته ، فهو مقدم على الجمعة والجماعة . ( انتهى مختصرًا ) .
الأضحية بالخصي
عن عائشة وأبي هريرة ، رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يُضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين ، فذبح أحدهما عن أمته لمن شهد لله بالتوحيد وشهد له بالبلاغ ، وذبح الآخر عن محمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم . [( صحيح ابن ماجه ) ] .
المؤجوء : هو الخصي .
قال البغوي : كره بعض أهل العلم الموجوء لنقصان العضو ، والأصح أنه غير مكروه ؛ لأن الخصاء يفيد اللحم وينفي الزهومة ، وسوء الرائحة ، وذلك العضو لا يؤكل .
وقال الخطابي : وفي هذا دليل على أن الخصي من الضحايا غير مكروه .
وقال القرطبي : والجمهور على أنه لا بأس أن يُضحي بالخصي ، واستحسن بعضهم إذا كان أسمن من غيره ، ورخص مالك في خصاء ذكور الغنم ، وإنما جاز ذلك ؛ لأنه لا يقصد به تعليق الحيوان بالدين لصنم يُعبد ولا لرب يوحد ، وإنما يقصد به تطييب اللحم فيما يؤكل وتقوية الذكر إذا انقطع أمله عن الأنثى .
اختيار الأضحية
قال ابن القيم : وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ، اختيار الأضحية واستحسانها وسلامتها من العيوب ، ونهى أن يُضَحّي بعضباء الأذن والقرن ؛ أي مقطوعة الأذن ومكسورة القرن ، النصف فما زاد ، وأمر أن تستشرف العين والأذن ، أي ينظر إلى سلامتها ، وأن لا يضحى بعوراء ولا مقايلة ، التي قطع مقدم أُذنها ، ولا مدابرة ، التي قطع مؤخرة أذنها ، ولا شرقاء ، التي شقت أذنها ، ولا خرقاء ، التي خرقت أذنها، قال تعالى : ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب ) [ الحج : 32] ، ومن تعظيمها استحسانها واستسمانها والمغالاة في أثمانها ، وقال تعالى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون ) [ آل عمران : 92] ، فما كان أحب إلى المرء إذا تقرب به إلى الله تعالى كان أحب إلى الله تعالى .
قال بعض السلف : لا يهدي أحدكم لله تعالى ما يستحي أن يهديه لكريمه ، وقال تعالى : ( وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ) [ البقرة : 267] .
وفي حديث البراء بن عازب في ( الموطأ ) ، و ( السنن ) مرفوعًا : لا يُضحي بالعرجاء بَيِّن ظلعها ، ولا العوارء بَيِّن عورها ، ولا بالمريضة بّيِّن مرضها ، ولا بالعجفاء التي لا تنقي .
قال ابن عبد البر : أما العيوب الأربعة المذكور في هذا الحديث فمجمع عليها ؛ لا أعلم خلافًا بين العلماء فيها ، ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها ، فإذا كانت العلة في ذلك قائمة ، ألا ترى أن العوراء إذا لم تجز في الضحايا فالعمياء أحرى ألا تجوز وإذا لم تجز العرجاء فالمقطوعة الرجل أحرى ألا تجوز ، وكذلك ما كان مثل ذلك كله ، قال القرطبي عند قوله تعالى : ( وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الْأَنْعَامِ ) [ النساء : 119] ، ولما كان هذا من فعل الشيطان وأثره ، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُستشرف العين والأذن ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء .
( ثم قال ) : والعيب في الأذن مُرَاعى عند جماعة العلماء .
الأنعام التي يُضحي بها
ولا يجزئ في الأضحية إلا من الغنم والمعز والبقر والإبل بإجماع ، ولكن اختلفوا في الأفضل منها ، أما الشافعي ففضل الإبل ، ثم البقر ، ثم الكباش ، وأما مالك فوافق الشافعي في الهدي ، وقال بعكس ذلك في الأضحية ، ففضل الكباش ، ثم البقر ، ثم الإبل ، وسبب الاختلاف ورود حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بالكبش ؛ ولأن الله فدى إسماعيل بذبح عظيم .
قال ابن كثير : الصحيح الذي عليه الأكثرون أنه فدي بكبش .
قال ابن تيمية في الضحايا والهدايا : لما كان المقصود الأكل كان الذَّكر أفضل من الأنثى . ( انتهى ) .
يعني أنه في الزكاة لما كان المقصود الدر والنسل كان الواجب في الإناث غالبًا دون الذكور ، فلما كان في الأضحية المقصود اللحم فضل الذكر لذلك .
قال القرطبي عند قوله تعالى : ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) [ الصافات : 107] : في هذه الآية دليل على أن الأضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر ، وهذا هو مذهب مالك وأصحابه ، قالوا : أفضل الضحايا الفحول من الضأن ، وإناث الضأن أفضل من فحل المعز ، وفحول المعز خير من إناثها ، وإناث المعز خير من الإبل والبقر ، وحجتهم : ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) [ الصافات : 107] .
( ثم قال ) : وقال بعضهم : لو عَلِمَ حيوانًا أفضل من الكبش لفدى به .
· السن المجزئة : ويجزئ في الأضحية والهدي والفدو والعقيقة الثني من الأصناف الأربعة ؛ الغنم ، والمعز ، والبقر ، والإبل ، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجذعة من الغنم .
هذا ومسنة الإبل ما له خمس سنين ، ومن البقر ماله سنتان ، وكذلك المعز ، وقال بعض أهل العلم في المعز ماله سنة ، وجذعة الغنم . ما زادت عن الستة أشهر .
الذبح : ويستحب أن تنحر الإبل مستقبلة القبلة قائمة معقولة اليد اليسرى والبقر والغنم يضجعها على شقها الأيسر مستقبلاً بها القبلة ، ويقول : بسم الله ، والله أكبر ، اللهم منك ولك ، اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك .
ويستحب للمضحي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح ؛ لأنه عبادة وقربة ، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، حيث ذبح أضحيته بنفسه ، وذبح هديه ، وإن لم يتولَ ذبحه بيده ، فالأفضل أن يحضر عند ذبحه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة : ( احضري أضحيتك يغفر لكِ بأول قطرة من دمها ) .
· تقسيمها : يستحب أن يأكل ثلثًا ويتصدق بثلث ويهدي بالثلث ذلك إذا لم يكن هناك سبب يوجب التفضيل ، وإلا فلو قدر كثرة الفقراء لاستحببنا الصدقة بأكثر من الثلث ، وكذلك إذا قدر كثرة من يهدي إليه أكثر من الفقراء ، وكذلك الأكل ، فحيث كان أخذ بالحاجة أو المنفعة ، كان الاعتبار بالحاجة والمنفعة بحسب ما يقع .
· وقت الأضحية : اتفق العلماء على أنه لا يجوز الذبح قبل طلوع الشمس ، وواضح من الأحاديث المذكورة حديث البراء بن عازب ، وحديث أنس بن مالك ، وحديث جندب بن سفيان كلها دالة على أن من ذبح قبل الصلاة فليست أضحية إنما هي لحم قدمه لأهله ، فإن كان المضحي في غير مصر يصلي فيه العيد ، فإن وقت الأضحية بقدر مضي وقت الصلاة بعد ارتفاع الشمس قدر رمح ، وقد اشترط قوم أن يكون ذبحه بعد الإمام سواء كان في المصر أو في القرى ، وهو قول الشافعي .
ويمتد وقت الأضحية إلى غروب الشمس من آخر آيام التشريق ، وهو قول الشافعي وجماعة ، وذهب غيرهم إلى أن وقت الأضحية يوم النحر ، ويومان بعده .
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأبي بردة بإجزاء التضحية بالعناق ، قال ابن القيم في ( أعلام الموقعين ) : وأما تخصيصه أبا بردة بن دنيار بإجزاء التضحية بالعناق دون من بعده فلموجب أيضًا ، وهو أنه ذبح قبل الصلاة متأولاً غير عالم بعدم الإجزاء ، فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن تلك ليست بأضحية ، وإنما هي شاة لحم أراد إعادة الأضحية ، فلم يكن عنده إلا عناق هي أحب إليه من شاتي لحم ، فرخص له في التضحية بها لكونه معذورًا ، ولقد تقدم منه ذبح تأول فيه ، وكان معذورًا بتأويله ، وذلك كله قبل استقرار الحكم ، فلما استقر الحكم لم يكن بعد ذلك يجزئ إلا ما وافق الشرع المستقر . وبالله التوفيق .
وقال ابن دقيق العيد : وقد صرح في الحديث بتخصيص أبي بردة بإجزائها في هذا الحكم عما سبق ذبحه ، فامتنع قياس غيره عليه .
هذا ؛ وأحاديث وقت الذبح غير السابقة منها حديث جابر عند مسلم جاء فيه : فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ، ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي ( الموطأ ) عن عويمر بن الأشقر بإسناد صحيح أنه ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى ، وأنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعود بضحية أخرى .
متى يقص المضحي شعره وظفره ؟
روى مسلم عن أم سلمة ، رضي الله عنها : قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان له ذبح يذبحه ، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي ) .
قال النووي : قال سعيد بن المسيب ، وربيعة ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، وبعض أصحاب الشافعي : إنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية ، وقال الشافعي وأصحابه : هو مكروه كراهة تنزيه ، وقال أبو حنيفة : يكره ، واختلفت الرواية عن مالك .
· فوائد : وفي الحديث فوائد هامة :
منها ، قال ابن دقيق العيد : فيه دليل على أن المأمورات إذا وقعت على خلاف مقتضى الأمر لم يعذر فيها بالجهل ، وقد فرقوا في ذلك بين المأمورات والمنهيات ، فعذروا في المنهيات بالنسيان والجهل .
( ثم قال ) : وفرق بينهما بأن المقصود من المأمورات : إقامة مصالحها ، وذلك لا يحصل إلا بفعلها ، والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحانًا للمكلف بالانكفاف عنها ، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها ، ومع النسيان والجهل لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي فعذر بالجهل فيه .
فائدة : قال العيني في ( العمدة ) : إن السلف كانوا لا يواظبون على أكل اللحم دائمًا ؛ لأن للحم ضراوة كضراوة الخمر .

السبت، 5 نوفمبر 2011

يوم عرفه

قال ربنا تبارك وتعالي: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات علي ما رزقهم من بهيمة الانعام .
و قال بن عباس .... الأيام المعلومات : هي الأيام العشرة الأوائل من ذي الحجة , انتبه أيها الحبيب اللبيب , انتبه لهذه الأيام ولا تضيعها أيها العاقل , أيها الفاطن , يا من يعرف شرف زمانه , ويا من يعرف شرف الوقت , انتبه لهذه الأيام المقبلة .
انظر ماذا قال الله عز وجل وماذا قال النبي في فضل هذه الايام .
قال كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وأبوداوود والترمذي في حديث بن عباس رضي الله عنهما ـ أن النبي قال : ما من أيام العمل الصالح فيها أحب الي الله عز وجل ـ من هذه الأيام ـ يعني الايام العشر من ذي الحجة ـ قالوا يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله , قال : ولا الجهاد في سبيل الله , إلا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء .
لماذا : العمل الصالح في هذه الايام أحب الي الله دون باقي الأيام؟
قال الحافظ بن حجر رحمه الله تعالي : لأن هذه الأيام تتضمن أمهات العبادات تشتمل هذه الأيام الفاضلة القادمة علي أمهات العبادات , كالصلاة والصيام والحج والصدقة فضلا عن التوحيد , فلا يفعل هذا الا موحد بالله جل وعلا , ولذلك كان النبي يصوم التسعة الأولي من ذي الحجة , ويحرص علي صيام هذه الأيام المباركة , فالصيام مـن صالح الأعمال , لكنني بدأت بالصيام لما آراه من خلاف واختلاف .
هل نصوم تسعة ذي الحجة ؟ أم لا نصوم ، وما الدليل؟
فلقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة قالت : ما رأيت رسول الله صائما العشر قط ، الله إيه الكلام ده وبتقول الحديث في صحيح مسلم نعم وأنت تحثنا الآن علي الصيام وتقول السيدة عائشة ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم صائما العشر قط .. وفي رواية أخري في سنن النسائي بسند صحيح أيضا من حديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها قالت : لم يدع رسول الله صلي الله عليه وسلم صيام تسع ذي الحجة ، وإيه اللخبطة دي .
مــــــا هذا التعارض ـ لا تعارض ـ كيف نجمع بين هذين النصين اللذين يبدو فيهما تعارض واضح ـ السيدة عائشة تنفي الصيام والسيدة حفصة تثبت ـ انتبهوا معي , للعلماء في الجمع بين هذين النصين وهذين الحديثين قولان .
الأول : أن السيدة عائشة رضي الله عنها تقول : ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم صائما العشر من ذي الحجة كلها لانه لا يجوز صيام اليوم العاشر لأنه يوم النحر وصيام العيدين لا يجوز يا الله ـ كلام العلماء يريح .
الثاني : قالوا حتي لو نفت عائشة أنها رأت الرسول يصوم عشر ذي الحجة وأثبتت حفصة بالصيام , ولعلماء الأصول في هذين النصين قول بديع فالسيدة عائشة نفت والسيدة حفصة أثبتت والقاعدة الأصولية تقول قول المثبت مقدم علي المنفي لان المثبت عنده من العلم الزائد فهذه قاعدة من قواعد الاصول .
القلب يستريح الي القولين , قول عائشة , قول حفصة عائشة تقصد أن من صام العشرة كاملة , ولا حرج عليك إن أخذت بالقول الثاني وكلاهما صحيح فلا حرج علي المسلمين علي الاطلاق أن يصوموا تسعا من ذي الحجة لأن صيام يوم العيد لا يجوز , فلا حرج أن تعقد النية من الليلة وأن تهيئ قلبك ونفسك لصيام التسعة من ذي الحجة .
وإذا ذكرت الأيام مطلقا فالليالي لها تبع كما يقول علماء اللغة فلا تتصور أن فضل ليالي العشر يقل عن أيام العشر في ذي الحجة احرص علي صيام تسع من ذي الحجة ففضلها عظيم .
من أفضل الاعمال الصالحة في هذه الأيام صيام يوم عرفة لغير الحاج فالحج فيه مشقة بالغة , فمن السنة ألا يصوم الحاج علي عرفات ليتقوي علي أعمال الحج , وليتقوي علي الدعاء , ليتقوي علي الذكر والاستغفار , أما غير الحاج فيسن في حقه صيام يوم عرفة , فلقد سئل النبي صلي الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة كما في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة : سئل النبي عن صيام يوم عرفة فقال : بأبي وأمي وروحي : يكفر السنة الماضية؟ والسنة الباقية , والمسلم الذي لا يستطيع الحج لم يحرمه رسول الله صلي الله عليه وسلم من هذا الفضل الكبير ومن هذا الخير العميم , فكم من الناس في يوم عرفة حين ينظرون الي حجاج بيت الله الحرام علي شاشات الفضائيات , يتضرعون الي رب الأرض والسماوات , كم من إخوة وأخوات لنا في الأمة كلها , يبكون بالدمع الغزير المدرار , بل يود أحدهم أن يكون مع اخوانه هنالك في هذه الأماكن وفي هذه اللحظات , وفي هذه الساعات , فما من يوم كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه جل وعلا ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ــ أي لملائكته ــ ما أراد هؤلاء؟ ما أراد هؤلاء الذين جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق يسألونه سبحانه وتعالي أن يغفر لهم والله ثم والله ثم والله يغفر الله لهم , وربهم يجبرهم ويغفر لهم ذنوبهم ويستر لهم عوراتهم , ما دليلك علي هذا القســم؟
كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو يعلي وابن المبارك بسند صحيح في حديث أنس بن مالك قال : وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم بعرفات في حجته الوحيدة التي تسمي حجة الوداع حتي كادت الشمس تؤوب يعني أن تميل الي الغروب فنادي النبي صلي الله عليه وسلم علي بلال بن رباح وقال : يا بلال : أنصت لي الناس فقام بلال : وقال أيها الناس أنصتوا لرسول الله فأنصت الناس قال مبشرا الناس : أتاني جبريل فأقرأني السلام من ربي عز وجل وأخبرني أن الله تعـــــالي غفر لأهل عرفات وضمن عنهم التبعـــــات فقال عمر : أهذا لنا خاصة فقال هذا لكم ولمن أتي بعدكم إلي يوم القيامة فقال عمر بن الخطاب كثر خير الله وطاب .
أبشر أيها الحاج بل كن علي يقين من أن الوعد النبوي الذي وعد به من الرب الكريم الحليم العلي أخبرني جبريل بأن الله غفر لأهل عرفات وضمن عنهم التبعات فقال عمر يارسول الله أهذا لنا خاصة .. لأن الله قد شرفنا بوجودك بيننا فقال : هذا لكم ولمن أتي بعدكم الي يوم القيامة فقال عمر : كثر خير الله وطاب , إننا نتعامل مع الملك الكريم جل جلاله , طيب هذا المسكين الذي يبكي هنا وهو يتابع إخوانه وأخواته علي شاشات الفضائيات في عرفات لم يحرمه رسول الله صلي الله عليه وسلم من الفضل ومن الأجر ومن الخير فقال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه : حين سئل عن صيام يوم عرفه فقال بأبي وأمي وروحي : يكفر السنة الماضية والباقية أي يكفر ذنوب سنتين هذا فضل الله علي الأمة كلها فمن لم يقدر الله له أن يكون مع إخوانه علي عرفات , لم يحرمه ربنا سبحانه وتعالي من هذا الفضل ما عقد النية الآن علي صيام يوم عرفة هذا اليوم أشرف أيام العام كله , هو اليوم التاسع من ذي الحجة .
فهو أشرف أيام العشر , بل أشرف أيام العام ومن أهل العلم من قال ليلة القدر خير من ليلة التاسع من ذي الحجة لأن الله خص ليلة القدر في رمضان بهذا الفضل : قال تعالي ليلة القدر خير من ألف شهر أما يوم التاسع من ذي الحجة فهو أفضل أيام العام كله بما فيها أيام رمضان : انظروا أيها الأحبة الي فضل الله علي هذه الأمة الميمونة وإلي كرامة الله للأمة المرحومة فمن لم يقدر الله له أن يكون هذا الموسم حاجا فلم يحرمه رسول الله صلي الله عليه وسلم من هذا الفضل , وهذا الاجر في صيام يوم عرفات .
أما الحاج فلا يسن في حقه أن يصوم هنالك علي عرفات هذا اليوم ليتقوي علي الذكر والدعاء والعبادة وعلي أعمال الحج في يوم الحج الأكبر أي في يوم النحر وأيام التشريق التي تليه , لكن لا حرج لمن أراد من الحجاج أن يصوم في أيام التشريق لأيام أراد أن يصومها إن كان متمتعا أو كان عليه هدي لم يستطع أن يذبح هذا الهدي , هناك .
ومن أعظم العمل الصالح أن توحد الله جل جلاله , قال نبينا صلي الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت قال : من شهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عيسي عبد الله ورسوله يا أخي ليس الها وليس ابنا للإله وليس ابنا لزوج الإله تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا , وكلمته ألقاها الي مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة علي ما كان من العمل وفي لفظ أدخله الله الجنة من أي أبوابها شاء وفي رواية عن أنس بن مالك في الصحيح فإن الله حرم علي النار من قال لا إله الا الله يبتغي بها وجه الله تعالي فأكثر من قول لا اله الا الله أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وهذا من أعظم الذكر يوم عرفة .
 

أحكام الأضحية


س:في كل عام يقوم بعض من المسلمين الذين من الله عليهم فى سعة الرزق بذبح الأضحية ونود أن نتعرف على الأحكام المتعلقة بها وفى البداية حتى يتضح المعنى ما هي الأضحية؟

الأضحية هي اسم لما يذبح من النعم في وقت مخصوص وميعاد مخصوص بشروط مخصوصة تقربا إلى الله تعالى فى أيام عيد الأضحى.

 

س:إذا فما حكم الذبائح التي تذبح في ميعاد الأضحية ولكن لغير غرض الأضحية؟

أي ذبيحة استوفت لشروط الذبح شرعا وذبحت في مواقيت ذبح الأضحية بغير نية الأضحية فلا تعتبر أضحية كالجزار مثلا فإنه يذبح للبيع وليس للأضحية اللهم إلا افرد ذبيحة بغرض الأضحية فإنها تعد أضحية كذلك من ذبح للعقيقة مثلا فإنها لا تعد أضحية وخلاصة القول أنه يحكمنا في ذلك حديثه صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوي" فالعبرة بالنية حال الذبح

 

س:وما حكمها؟

ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وعلى أرجح قولين عند المالكية وغيرهم الكثير من أهل العلم إلى أن الأضحية سنة مؤكدة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

س:وما الدليل عليها؟

الأدلة على الأضحية ثابتة من الكتاب والسنة.

 

س:وما هو دليل الكتاب؟

الدليل على الأضحية من الكتاب قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)

 

س:وما وجه الدلالة من الآية الكريمة؟

أجمع أهل الفقه والتفسير على أن المراد بتلك الآية الكريمة فصل أي صل صلاة العيد وأما المراد بقوله تعالى "وأنحر" أي اذبح ذبيحتك.

 




س:وما دليل السنة؟

الأدلة من السنة كثيرة نذكر منها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر

فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه بسنده قال(عن أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ) وكذلك فقد أخرج بن ماجة في سننه بسنده (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلا يَقْرَبَنَّ مُصَلانَا)

 

س:وما وجه الدلالة من هذين الحديثين؟

الدلالة فيهما واضحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين يعنى  ليعلم الصحابة طريقة الذبح وهيئة المذبوح وكذلك حث عليها الصحابة ويستفاد ذلك من الحديث الثاني.

 

س:ومتى شرعت الأضحية على المسلمين؟

شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية وهي نفس السنة التي شرعت فيها صلاة العيد وزكاة المال.

 

س:وما هي حكمة مشروعية الأضحية؟

تبدو حكمة مشروعية الأضحية في أمور متعددة نذكر منها مثلا ما يلي:

1ـ إحياء سنة سيدنا إبراهيم حينما ضرب لنا أروع الأمثلة هو وابنه نبي الله إسماعيل في طاعة الله التي لا حدود لها فأمر الله سيدنا إبراهيم أن يذبح ابنه إسماعيل وكلنا يعلم أن رؤيا الأنبياء حق ولم يتردد الابن في طاعة أمر الله فأمر الله نبيه إبراهيم أن يذبح الفداء عن ولده.

2ـ أن يتعلم المسلم أن طاعة الله سبب لرفع كل بلاء وهذا الدرس من أهم الدروس التي على المسلم أن يتعلمها من قصة نبيا الله إبراهيم وإسماعيل

3ـ شكر نعمة الله على العبد والله عز وجل يقول: "لئن شكرتم لأزيدنكم".

 

س:وما العلاقة بين شكر الله وبين إراقة الدم؟

في الأضحية توسعة على الفقراء والمحتاجين وما أكثر حاجتهم في تلك الأيام كذلك فإن فيه توسعة على النفس والأهل والأقارب وهذا كله عملا بقوله تعالى: "وأما بنعمة ربك فحدث".

ف
ما يشترط فى المضحى

 

س:عرفنا في اللقاء السابق أن الأضحية سنة مؤكدة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفنا حكمة مشروعيتها

واليوم نود التعرف على الشروط المتطلبة فيمن يقوم بالأضحية؟

يشترط فيمن يضحي عدة شروط نذكرها بشئ من الإيجاز على نحو ما يلي:ـ

الشرط الأول:كونه مسلما فلا تقبل بطبيعة الحال من غير المسلم وهذا الشرط محل اتفاق بين العلماء سواء الذين قالوا بسنيتها والذين قالوا بوجوبها.

 

س:وماذا لو أسلم الكافر هل يجوز له أن يضحي؟

إذا أسلم الكافر قبل خروج وقتها فإن له في تلك الحالة أن يقوم بالأضحية وذلك بالقياس على الصلاة فإذا أسلم الكافر قبل خروج وقت الصلاة تعين عليه أن يصليها.

 

س:وماذا عن الشرط الثاني؟

الشرط الثاني وجود المال الفائض عن الحاجة بحيث إن لم يكن لديه مال فائض عن حاجة الطعام والشراب أو لديه مال لكنه لا يكفي عن حاجة يوم النحر وأيام التشريق أو كان عليه دين فلا يلزمه القيام بها في تلك الحالة.

 

س:وما الدليل على ذلك؟

أخرج بن ماجة في سننه بسنده (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلا يَقْرَبَنَّ مُصَلانَا).

 

س:وما وجه الدلالة من هذا الحديث؟

ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من كان صاحب سعة أي لديه قدرة مادية فإن الأولى به أن يأتي بالأضحية ومعنى هذا أن غير ذي المال فلا تسن في حقه.

 

س:وهل تجب على الصبي والمجنون؟

هذا هو الشرط الثالث وهو كون المضحي بالغا عاقلا لان الأصل أن الصبي غير مكلف بالأحكام الشرعية فمثله مثل المجنون كلاهما قد رفع عنه القلم




س:وهل يجوز لولي الصبي أو المجنون أن يضحيا من مالهما؟

يجوز لولي الصبي والمجنون أن يضحيا من مالهما حالة كونهما من ذوي الأموال الطائلة بحيث لا يؤثر ثمن الأضحية سلبا على هذا المال خاصة وأنه قيم عليه أي لا يتصرف فيه بإرادة مطلقة.

أما إن كان مالهما بسيطا أو كان ثمن الأضحية سيؤثر فيه سلبا فإنه لا يجوز له أن يخرج من مالهما.

 

س:هل تجب على الذكور فقط أم على الذكور والإناث أيضا؟

لا فرق في أحكام الأضحية بين رجل وامرأة والعبرة بتوافر الشروط كما أسلفنا فإن توافرت تحققت السنية و إلا فلا.

 

س:وهل يذبح الأب عن نفسه فقط ويذبح أبناؤه وزوجته عن أنفسهم؟

يذبح الرجل عن نفسه وعمن يعول أي عن الأشخاص الذين ينفق عليهم ومن ثم فإن فعلها فلا تلزم الزوجة والأبناء.

 

س:وما هي الشروط التي يجب توافرها في الأضحية؟

يشترط في الأضحية أي الذبيحة التي ستذبح تقربا إلى الله تعالى عدة شروط نتحدث فيها على نحو ما يلي:ـ

1ـ أن تكون الأضحية من الأنعام وهي الجمل والبقر والجاموس والخراف والماعز لا فرق في ذلك بين ذكرانها وإناثها لا تجوز بغير ما سبق ذكره وذلك لقوله تعالى: (ولكلّ أمّةٍ جعلنا منسكاً ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام)

2ـ كونها ثنية من الإبل والبقر والمعز وجزعة من الضأن على خلاف بين المذاهب في معنى الثنية والجزعة وحاصل هذا الخلاف أن الثنية هى من تجاوزت السنتين والجزعة ما تجاوزت السنة.

3ـ أن تكون سليمة من العيوب التى تؤثر على غزارة اللحم وجودته.

4ـ كونها مملوكة للمضحي أو مأذونا له فى ملكها بحيث إذا ذبح من لا يملك لا يعتد به ومن لا يملك لا يجوز له أن يتصرف.

 

س:نريد أمثلة على الأضحية المعيبة التي لا تصلح للأضحية؟

مثال العرجاء وعلى كل أي عيب يمنعها من الأكل والرعي بصورة طبيعية




ما ينبغى ان يلتزم به المضحى

 

س:بعد أن علمنا ما يجب توافره في المضحي وما يجب توافره في الأضحية هل يجب على المضحي أن ينوي الأضحية؟

ذهب الفقهاء  إلى أن نية التضحية لازمة للمضحي وذلك لأن الذبح قربة والقربات تتعلق بالنوايا وهذا هو الثابت من حديثه صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" إضافة إلى ذلك فإن أوجه الذبح تتعدد في تلك الأيام فهناك من يذبح هديا ومن يذبح فدية ومن يذبح للكفارة ومن ثم تعين تحقق نية الأضحية قبل الذبح لا بعده.

 

س:وهل يشترط التلفظ بها؟

النية وان تعينت إلا أنه لا يشترط التلفظ بها ومحلها القلب وكل ما يتطلب هنا هو مجرد الانعقاد والعزم عليها.

 

س:وهل يجوز لأكثر من مضحي أن يشتركوا في أضحية واحدة؟

يجوز هذا بشرط كون الأضحية تصلح لذلك بأن تكون من الإبل أو البقر أو الجاموس لا فرق بين ذكر وأنثى فيما سبق ويشترك فيها سبعة بالتساوي بينهم في دفع الثمن على أن توزع أيضا بينهم بالتساوي.

 

س:وهل يشتركون فيها بنية واحدة أم يمكن أن تتعد نواياهم؟

ذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز تعدد نوايا المشاركين في الذبح كل بحسب نيته على ألا توجد بين تلك النوايا نية فيها مخالفة شرعية فالكل يذبح لأجل ما أحله الله.

وعليه لو اشترك سبعة في أضحية واحدة الأول بنية الأضحية والثاني بنية العقيقة .

 

س:نرى بعض الناس يذبحون ليلة العيد أضاحيهم بحجة التفرغ للزيارات أول يوم العيد مثلا وحسما لهذا الأمر نريد الوقوف على مواعيد ذبح الأضحية ابتداء وانتهاء؟

يبدأ أول وقت ذبح الأضحية بعد شروق الشمس والانتهاء من صلاة العيد

علما بأنه لا يشترط الفراغ من صلاة وخطبة العيد في كل الأماكنالتي تؤدى فيها بل الذي يتعين على المضحي هو أن ينتهي من صلاة العيد وسماع خطبتها.

 

س:ومن لم يصل العيد لعذر فماذا يفعل؟

من لم يصل العيد عليه أن ينتظر حتي يفرغ اقرب مصلى له منالصلاة والخطبة ما دام لم يتمكن من الذهاب لكن عليه أن يتيقن من ذلك.

 

س:وما الدليل على ذلك؟

الدليل على ذلك قوله تعالى: "فصل لربك وانحر" فالصلاة أولا ثم النحر بعدها ولأنه فعل النبي الذي داوم عليه.

 

س:وماذا يفعل المسلم إذا كان في مكان لا يصلى فيه العيد؟

عليه أن يقدر للمدة قدرها بمعنى أنه ينتظر بعد الشروق بحوالي خمسة وأربعون دقيقة ثم يبدأ في ذبح أضحيته.

 

س:وما حكم من ذبح قبل صلاة العيد؟

من ذبح قبل صلاة العيد لا يعد مضحيا لأنه لم يستوف لشرط الوقت وإنما تعد ذبيحته تلك صدقة وهذا هو المستفاد من عموم الأحاديث الواردة في هذا الشأن.

 

س:ومتى ينتهى وقت الأضحية؟

ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن وقت ذبح الأضحية ممتد لثاني أيام التشريق أي لثالث أيام العيد الأضحى وذلك بغروب شمسه فمن تعذر عليه الذبح أو توافرت فيه الشروط المذكورة سلفا جاز له أن يذبح قبل مضى هذا الوقت.

وذهب الشافعية ومن وافقهم إلى أن وقت الأضحية ممتد لثالث أيام التشريق وهو حتى عصر رابع أيام العيد.

 

س:وما الحكم لو فاته وقت الأضحية ؟

نرى ان الراجح فى هذه المسألة هو أن الأضحى ينتهى وقتها بخروج وقت الذبح فذا خرج الوقت ولم يذبح المضحى فى الوقت الذى يعد صلاة عيد الاضحى حتى عصر أخر يوم من ايام التشريق منذ خرجت الأضحية عن وقنها ولا تصلح ان تكون اضحية .




هلاك الأضحية

 

س:تعرفنا فى اللقاء السابق على ما يشترط توافره من شروط قبل الذبح ولكن ما الحكم إذا هلكت الأضحية قبل الذبح؟

إذا هلكت الأضحية قبل الذبح فإن الحال لا يخرج عن أمرين

الأمر الأول:أن تكون منذورة بمعنى أن يكون الشخص قد نذر الأضحية تقربا إلى الله في تلك الحالة فإنها تكون في حقه واجبه وليست مسنونة كما هو الحال في حق غير الناذر فعلى هذا المضحى في تلك الحالة أن يشترى غيرها لأنه لم يأت بما هو واجب عليه ولأن النذر يتعين الوفاء به كما نذر.

 

س:وماذا لو كان غير قادر على شراء غيرها؟

في تلك الحالة عليه أن ينتظر إلى الوقت الذي يتمكن فيه من الشراء وعليه أيضا أن يكتب ذلك في وصيته لأبنائه لأنها أصبحت كالدين في ذمته

وله أيضا أن يكفر عن هذا النذر بأن يطعم عشرة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام إذا لم يكن قادرا على الإطعام بشرط أن يعجز فعلا عن الإتيان بأخرى.

 

س:وما هي الحالة الثانية إذا هلكت الأضحية؟

الحالة الثانية:أن تكون الأضحية غير منذورة وفي تلك الحالة تكون سنة في حقه على نحو ما أوضحنا فى لقاء سابق ومثل هذا لا يجب عليه الإتيان بأخرى ولكن نقول أنه إن كان قادرا ماديا على ذلك وأتيحت له الفرصة لشراء غيرها فهذا هو الأولى ما دامت القدرة متحققة لديه.

 

س:ننتقل بعد ذلك إلى جزئية أخرى وهي هل هناك أمور مستحبة عند الشروع في الذبح؟

نعم يستحب قبل الذبح بعضا من الأمور من أتى بها فقد استزاد من الخير ومن لم يأت بها فلا شئ عليه وهى على النحو التالي:ـ

1ـ أن يربطها قبل الذبح بعدة أيام قلائل لما فيه من الإعلان لذوي الحاجات عن مكانها حتى ينالوا ما ييسر الله لهم أن ينالوه منها بعد الذبح.

2ـ الذهاب بها إلى مكان الذبح برفق فلا يجرها بعنف أو بشدة وهذاهو الثابت من حديثه صلى الله عليه وسلم (إنّ اللّه تعالى كتب الإحسان على كلّ شيءٍ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة  وليحدّ أحدكم شفرته  وليرح ذبيحته).

3ـ التشبه بالمحرم:وهذا مما ذهب إليه المالكية والشافعية فقالوا بأن المضحي سواء باشر الذبح بنفسه أو وكل فيه غيره يستحب له أن يتشبه بالمحرم فلا يحلق أو يقص شعر رأسه أو بدنه ولا يقلم أظافره وذلك ابتداء من الليلة الأولى من ذي الحجة حتى الفراغ من الذبح.

 

س:وما الدليل على ذلك؟

أخرج الإمام مسلم في صحيحه بسنده عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا.

 

س:وهل هناك أمور يكره فعلها قبل الأضحية؟

يكره قبل الأضحية بعض من الأمور وننبه إلى أن تركها أولى من فعلها لأن في تركها ثواب وهي على نحو ما يلي:ـ

1ـ الانتفاع بها قبل الذبح:بمعنى انه لا يجوز له تأجيرها مثلا لسقاية الأرض أو لجر حمل ثقيل لأن مثل تلك الأمور تنقص من وزنها وتضعفها.

2ـ كذلك يكره له أن يبيعها بعد تعينها اللهم إلا إن كان سيشترى أفضل وأجود منها وزنا وجودة.

3ـ عدم ذبح ولدها: ذلك إن اشتري المضحي ذبيحة ثم وضعت عنده فإنه يكره له أخذ ولدها أو بيعه والأولى به أن يضحي به مع أمه.

 

س:وما الدليل على ذلك؟

أتى رجل إلى الإمام على بن أبى طالب فقال له يا أمير المؤمنين إنّي اشتريت هذه البقرة لأضحّي بها، وإنّها وضعت هذا العجل ؟ فقال عليٌّ : لا تحلبها إلاّ فضلاً عن تيسير ولدها فإذا كان يوم الأضحى فاذبحها وولدها عن سبعةٍ .

أخيرا فإن يكره للمضحي أن يزين أضحيته وان يسير بها في الطريق حتى لا يعد العمل داخلا ضمن الرياء والمباهاة.

الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها


فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم
وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه

بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟
حري بالسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:
1- التوبة الصادقة :
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت
3- البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه÷ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.

فضل عشر ذي الحجة
1- أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:
قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.
3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا:
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني]
4- أن فيها يوم عرفة :
ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه في رسالة (الحج عرفة(0
5- أن فيها يوم النحر :
وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
6- اجتماع أمهات العبادة فيها :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).

فضل العمل في عشر ذي الحجة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشرـ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني].
فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.
من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة
إذا تبين لك أخي المسلم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواسم نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذ تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كانوا ـ أي السلف ـ يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم.

ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
1- أداء مناسك الحج والعمرة.
وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
2- الصيام :
وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه].
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.
3- الصلاة :
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري].
4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري ك كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.
ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.
5- الصدقة :
وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].

وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن محارم الله ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة ـ والمحافظة على السنن الراتبة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صيام التطوع


رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فى صيام هذة الايام الاتيه :-
1- صيام سته ايام من شوال :-
::: روى الجماعه إلا البخارى والنسائى عن ابى ايوب الانصارى::: : ان النبى صلى الله عليه وسلم قال (( من صام رمضان ثم أتبعة ستاً من شوال فكأنما صام الدهر )) وعند احمد : انها تؤدى متتابعه وغير متتابعه , ولا فضل لأحدهما على الاخر , وعند الحنيفه والشافعيه , الافضل صومها متتابعه , عقب العيد.
2- صوم عشر ذى الحجه وتأكيد يوم عرفه لغير الحاج :-
عن ابى قتادة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( صوم يوم عرفه , يكفر سنتين , ماضيه ومستقبله, وصوم يوم عاشوراء يكفر سنه ماضيه)) ::: رواه الجماعه الا البخارى والترمذى ::: ,, و عن حفصه رضى الله عنها قالت (( اربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم (( صيام عاشوراه , والعشر , وثلاثه ايام من كل شهر, والركعتان قبل الغداه )) ::: رواه احمد والنسائى ::: ,, و عن عقبه بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يوم عرفه , ويوم النحر, وايام التشريق , عيدنا اهل الاسلام وهى ايام كل وشرب )) ::: رواه الخمسه ::: , إلا ابن ماجه , وصححه الترمزى ,, عن ابى هريرة قال : (( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفه بعرفات )) ::: رواه احمد وابو داود والنسائى وابن ماجه ::: , قال الترمزى : قد استجاب اهل العلم , صيام اهل يوم عرفه إلا بعرفه ,, و عن ام الفضل : انهم شكوا فى صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفه , فأرسلت اليه بلبن  , فشرب وهو يخطب الناس بعرفه ::: متفق عليه ::: .
3- صيام المحرم , وتأكيد صوم عاشوراء ويوما قبلها ,ويوما بعدها :-
عن ابى هريرة قال : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الصلاه افضل بعد المكتوبه؟ ( قال الصلاة فى جوف الليل ) . قيل : ثم أى الصيام افضل بعد رمضان ؟ قال: ( شهر الله الذى  تدعونه المحرم ) ::: رواه احمد و مسلم وابو داود ::: . و عن معاويه ابن ابى سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( ان هذا يوم عاشوراء , ولم يكتب عليكم صيامه , وانا صائم , فمن شاء صام ومن شاء فليفطر)) ::: متفق عليه ::: , و عن عائشه رضى الله عنها قالت : كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش فى الجاهليه , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه , فلما قدم المدينه صام , وأمر الناس بصيامه , فلما فُرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه , ::: متفق عليه ::: , و عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينه فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال : (( ما هذا؟ )) قالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبنى اسرائيل من عدوهم , فصامه موسى فقال صلى الله عليه وسلم (انا احق بموسى منكم ) فصامه , وامر بصيامه , ::: متفق عليه :::  و عن ابى موسى الاشعرى رضى الله عنه قال : كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود و تتخذه عيدا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( صوموه انتم )) ::: متفق عليه :::  و عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه , قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ,انه يوم تعظمه اليهود والنصارى ... فقال : (اذا كان العام المقبل _ان شاء الله _صمنا اليوم التاسع ) قال فلم يأت العام المقبل , حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ::: رواه مسلم وابو داود ::: . وفى لفظ , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لئن بقيت الى قابل لاصومن التاسع ) ( يعنى مع يوم عاشوراء ) ::: رواه احمد ومسلم ::: ,,, وقد ذكر العلماء : إن صيام يوم عاشوراء على ثلاث مراتب :-
* المرتبه الاولى: صوم ثلاثه ايام :التاسع , والعاشر , والحادى عشر .
* المرتبه التانيه: صوم التاسع , والعاشر .
* المرتبه الثالثه, صوم العاشر وحده .
4- صيام التواسع يوم عاشوراء :-
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( من وسع على نفسه , واهله يوم عاشوراء, وسع عليه سائر سنته)) ::: رواه البيهقى فى الشعب, وابن عبد البر :::  وللحديث طرق اخرى , كلها ضعيفه . ولكن اذا ضم بعضها الى بعض , ازدادت قوة , كما قال السخاوى .
5- صيام اكثر شعبان :-
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم اكثر شعبان : قالت عائشه : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط , إلا شهر رمضان , وما رأيته فى شهر اكثر منه شعبان . ::: رواه البخارى ومسلم ::: .وعن اسامه بن زيد رضى الله عنهما قال : قلت يا رسول الله . لم أراك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ قال (( ذلك شهر يغفل الناس عنه, بين رجب ورمضان , وهو شهر ترفع فيه الاعمال الى رب العالمين . فأحب ان يرفع عملى وانا صائم )) ::: رواه ابو داود والنسائى وصححه ابن خزيمة ::: . وتخصيص صوم النصف منه ظناً أن له فضيلة على غيرة , مما لم يأت به دليل صحيح.
6- صوم الاشهر الحرم :-
الاشهر الحرم : ذو القعدة , وذو الحجه , والمحرم , ورجب . ويستحب الاكثار من الصيام فيها . فعن رجل من باهله : انه اتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله , انا الرجل الذى جئتك عام الاول , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لم عذبت نفسك ؟ )) ثم قال:( صم شهر الصبر , ويوما من كل شهر ) قال : زدنى , فأن بى قوة , قال ( صم يومين ) قال: زدنى , قال ( صم من الحرم واترك . صم من الحرم  واترك, صم من الحرم واترك ) واشار بأصابعه الثلاثه , فضمها , ثم ارسلها ::: رواه احمد وابو داود وابن ماجه والبيهقى ::: بسند جيد. وصيام رجب , ليس له فضل زائد على غيره من الشهور, الا انه من الاشهر الحرم . ولم يرد فى السنه الصحيحه : فضيله بخصوصه , وأن ما جاء فى ذلك مما لا يتنهض للاحتجاج به . قال ابن حجر : (( لم يرد فى فضله , ولا فى صيامه , ولا فى صيام شىء منه معين , ولا فى قيام ليله مخصوصه منه. حديث صحيح  يصلح  للحجه)).
7- صوم يومى الاثنين, والخميس :-
عن ابى هريرة : عن النبى صلى الله عليه وسلم كان اكثر ما يصوم الاثنين , والخميس, فقيل له فقال (( ان الاعمال تعرض كل اتنين وخميس , فيغفر الله لكل مسلم , او لكل مؤمن , إلا المتهاجرين فيقول: اخرهما )) ::: رواه احمد بسند صحيح ::: و فى صحيح مسلم : انه سئل عن صوم يوم الاتنين ؟ فقال ( ذلك يوم ولدت فيه, وانزل على فيه ) أى نزل الوحى على فيه.
8- صيام ثلاثه ايام , من كل شهر:-
قال أبو ذر الغفارى رضى الله عنه: (( امرنا الرسول الله صلى الله عليه وسلم نصوم من الشهر ثلاثه ايام البيض : ثلاثه عشرة : اربعه عشرة : خمسه عشر . و قال: هى كصوم الدهر)) ::: رواه النسائى ::: , وصححه ابن حبان. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم : انه كان يصوم من الشهر : السبت , والاحد , والاثنين , ومن الشهر الاخر: الثلاثاء , الاربعاء , والخميس , وأنه كان يصوم من غرة كل هلال , ثلاثه ايام . وأنه كان يصوم : الخميس , من اول الشهر , والاثنين الذى يليه , والاثنين الذى يليه.
9- صيام يوم وفطر يوم:-
عن ابى سلمه بن عبد الرحمن , عن عبد الله بن عمرو قال : قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( لقد اُخبرت انك تقوم الليل وتصوم النهار )) قال .  قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم . نعم قال (( فصم , وافطر , وصل ونم , فان لجسدك عليك حق , وان لزوجك عليك حقا , وان لزورك عليك حقا , وان بحسبك ان تصوم من كل شهر ثلاثه ايام , قال : فشددت فشدد على . قال: فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال (( فصم من كل جمعه ثلاثه ايام )) قال: فشددت فشدد على . قال : فقلت : يا رسول الله انى اجد قوة , قال: صم صوم نبى الله داود, ولا تزد عليه , قلت يا رسول الله , وما كان صيام داود عليه السلام؟ قال : (( كان يصوم يوما, ويفطر يوما )) ::: رواه احمد ::: , وغيره. وراوه ايضا عن ابن عبد لله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( احب الصيام الى الله صيام دواد , واحب الصلاه الى الله صلاه داود , كان ينام نصفه , ويقوم ثلثه , وينام سدسه , وكان يصوم يوماً. ويفطر يوماً ))
10- جواز فطر الصائم المتطوع :-
عن ام هانى رضى الله عنها: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح, فأتى بشراب , فشرب, ثم ناولنى , فقلت: انى صائمه. فقال : (( ان المتطوع امير على نفسه , فان شئت فصومى , وان شئت فأفطرى )) ::: رواه احمد والدراقطنى , والبيهقى , وراواه الحاكم وقال: صحيح الاسناد::: لفظه:(( الصائم المتطوع امير نفسه ان شاء صام . وان شاء فطر ))  ,, و عن ابى نحيفه قال: اخى النبى صلى الله عليه وسلم , بين سلمان , وابى الدرداء , فزار سلمان ابا الدرداء , فرأى ام الدرداء متبذله , فقال لها: ما شأنك؟ قالت اخوك ابو الدرداء لي له حاجة فى الدنيا , فجاء ابو الدرداء , فصنع له طعاما فقال: كُل فإنى صائم , فقال: ما انا بأكل حتى تأكل , فأكل , فلما كان الليل , ذهب ابو الدرداء يقوم , فقال: نم فنام ثم ذهب , فقال: فلما كان فى اخر الليل قال: قم الأن , فصليا , فقال  له سلمان : ان لربك عليك حق , فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك , فقال النبى صلى الله عليه وسلم(( صدق سلمان )) ::: رواه البخارى , والترمزى ::: ,,, و عن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما, فأتى هو واصحابه, فلما وضع الطعام , قال رجل من القوم: إنى صائم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( دعاكم اخوكم, وتكلف لكم )) ثم قال: (( افطر وصم يوما مكانه, ان شئت)) ::: رواه البيهقى ::: بإسناد حسن , كما قال الحافظ , وقد ذهب اكثر اهل العلم الى جواز الفطر , لمن صام متطوعاً , واستحبوا له قضاء ذلك اليوم , إستدلالاً بهذة الاحاديث الصحيحه الصريحه.

عيد بدون كوليستيرول

  مع اقتراب عيد الأضحى المبارك ، تستعد الأسر لشراء الأضحية واللحوم بما يتناسب مع الإمكانيات المادية لكل أسرة ، ومع المداولات الكبيرة قبل الشراء يتم اختيار المذاق المفضل والمعتاد مع كل عيد.

ولا يهوى كثيرون تناول اللحم الضاني ، لذلك يتم استبداله بالعجول سواء كانت بقري أو جاموسي- كندوز"أرخص لكن جودة لحمته أقل وعظمه أكبر وأضخم من البقري"، وأفضلهم البقري الصغير "البتلو".

معاينة قبل الشراء

ولكن قبل الشراء عليك التأكد من جودة لحم العجل ،ومن المهم التأكد من نظافة فروة العجل عند الشراء، ولمعان العين، مع بعض المواصفات الأخري منها:

1 – يجب أن تكون رجل العجل قصيرة
2 – له وظهر ممتلئ .
3 – من المهم أن لا يكون كاسر مثل الخروف ويعرف ذلك من خلال فحص أسنانه ، "وكاسر" في لغة المتخصصين فى هذا الشأن من الجزارين والمربين تعنى تدمه بالعمر ، فعندما يكون العجل "كاسر" سنتين أو أربعة أو ستة سنوات يكون كبير جدا ، فالأفضل ألا يكون"كاسر".
4 – من الأفضل شراء الأضحية من أماكن موثوق فيها مثل المزارع ، ومنافذ وزارة الزراعة ولدى الجزارين والأسواق المختلفة الموثوق في سمعتها وسبق التعامل معها.

فحص اللحم جيداً

أما في حالة شراء اللحم البقري عليكِ مراعاة التالي  : يكون اللحم أحمر قاتمًا ذا رائحة طازجة، وأن تكون المادة الدهنية به متخللة باللحم، ذات لون مائل إلى الصفرة، وأن تكون خيوطها متماسكة، وألا يبتل الأصبع عند لمسها إلا قليلا جدًا، ويجب ألا يكون بين اللحم والدهن غضاريف؛ لأن ذلك يدل على كبر سن الحيوان، ويجب ألا يُشترى اللحم ذو اللون الأحمر الباهت ، لأن هذا يدل على أن الحيوان كان مريضًا، ويجتنب شراء اللحم ذي اللون المائل إلى الزرقة؛ لأنه يكون لحم حيوان ميت غير مذبوح. واللحم الفاسد هو ما كانت أنسجته رخوة، وكان ذا رائحة غير مقبولة

ويعد اللحم البقري الصغير "البتلو" هو الأفضل على الإطلاق ، أفضل من لحوم الكندوز المليئة بالدهون ، وهو أسهل هضماً ويحتوى على نسبة قليلة من الدهون والكوليسترول ويصلح لمرضى القلب ،وضعاف البنية.

ويؤكد الخبراء أن أفضل لحوم البتلو هى الأجزاء الخلفية وتستخدم فى عمل "البوفتيك" و"الإستيك"، بينما يفضل عند الشواء "الريش" و"بيت الكلاوى" ، ويصلح ظهر "الفخدة" مع "العرق الروستو" لعمل البيكاتا، فيما تستخدم الموزة البتلو بالعظم لصنع الطواجن، ويفضل لحم الرقبة و"الدوش" لعمل "الفتة"، ولحم القشرة المعروف باسم "اللوح" وهو منطقة التحام الرجل الأمامية بالقفص الصدرى، لصنع اللحم بالخضار و"كباب الحلة"..

وإليكِ قائمة تعينك على صناعة ألذ أطباق اللحم البتلو فى العيد :

اسكالوب بتلو بصوص الثوم

المقادير

- 8 شرائح لحم اسكالوب بتلو .
- 1 ملعقة كبيرة زيت ذرة .
- 4/1 كوب بقدونس مفروم .
- 4/1 كوب عصير ليمون .
- 2 ملعقة صغيرة ثوم مدقوق .
- ملح و فلفل .
- 2 ملعقة كبيرة زبد .

الطريقة

- تدق شرائح اللحم بيد الهون .
- يسخن ملعقة زبد فى طاسة كبيرة .
- تضاف قطع اللحم وتحمر على الجانبين.
- ترفع من الطاسة وتوضع في صينية للفرن.
- في نفس الطاسة، تضاف كمية الزبد المتبقية.
- يضاف الثوم والبقدونس ويقلب لمدة 30 ثانية.
- يسكب الثوم والبقدونس مع الزبد فوق اللحم في الصينية.
- توضع الصينية على نار متوسطة و يضاف عصير الليمون بالتدريج ثم يضاف الملح والفلفل .
- مع بداية الغليان يضاف 1/2كوب ماء ساخن.
- يغطى الإناء وتخفض النار قليلاً وتترك 5 دقائق حتى ينضح اللحم.
- تقدم مع بطاطس محمرة أو بطاطس في الفرن .

الريش البتلو بالخضروات

المقادير

- 1 كجم لحم بتلو ريش أو ريش ضأن .
- 1  بصلة كبيره شرائح .
- 1 حبة فلفل أخضر صغيرة مفرومة.
- 2 ملعقة كبيرة عصير ليمون .
- 2/1 كوب بسلة .
- 2 حبة جزر .
- 3 حبة بطاطس .
- 1 حزمة روزماري .
- 1 ملعقة كبيرة بهارات دجاج .
- ملح و فلفل .

الطريقة

- تقطع أوراق الروزمارى ، يمزج الفلفل الأخضر، عصير الليمون، خلطة اللحم،الروزمارى ، الملح و الفلفل فى وعاء ، يدهن الريش بهذا المزيج جيدا.
- تضاف شرائح البصل فى صينيه للفرن.
- ترص ريش اللحم و يصب بقية المزيج فوقه.
- توضع الصينيه فوق نار متوسطه و تترك حتى يخرج اللحم الماء الموجود داخله و يمتصه(حوالى 2/1 ساعه).
- يضاف 3/2 كوب ماء مغلي، تخفض النار، تغطى الصينية و يترك لمدة ساعة في حالة البتلو و ساعتين في حالة الضأن حتى ينضج اللحم.
- تسلق البسلة في ماء في هذه الأثناء حتى تصبح نصف سواء ، يقطع الجزر و البطاطس إلى قطع كبيره.
يضاف إلى اللحم بعد ساعة من مدة الطهي، يقدم مع الأرز البيض أو الأصفر.

لحم البتلو بالخضروات المشكلة

المقادير

- 2ملعقة كبيرة زيت نباتي .
- نصف كيلو لحم بتلو مقطع شرائح .
- 4-6 ثمرات كرنب صغير الحجم يقطع أرباعاً .
- ½ كيلو جرام بطاطس صغيرة الحجم مقشرة .
- ¼ كيلو بصل صغير الحجم .
- ملح وفلفل .

الطريقة

- يشوح البصل في الزيت حتى يصبح لونه مائلا للذهبي ثم يضاف له شرائح اللحم .
- تقلب الشرائح حتى يصبح لونها بنياً ثم تضاف باقي الخضراوات والبصل .
- يتبل المقدار ويغطي ويترك علي النار حتى تمام النضج ثم يقدم مزيناً بالبقدونس .

ريش بتلو فرمنسال

ريش بتلو فرمنسالالمقادير

-  1/2 كيلو ريش بتلو
- 1/4 قالب عيش توست
- بقدونس مفروم
- أعشاب
- 2ملعقة زبده
- ملح
- فلفل
- ثوم مفروم
- مستردة
- 1/4 كوب ديمجلاس"مرقة لحم أو أكياس جاهزة بالسوبر ماركت على هيئة بدرة"

الطريقة

- تبلي اللحمة بالملح والفلفل وبصلة مفرومة والقليل من الطماطم وقلبيهم جيداً واتركيها في التتبيلة وفي مقلاة ضعي القليل من الزيت وشوحي اللحم وقلبيه على الاتجاهين
- في مقلاة أخرى نحضر الفرمنسال ضعي الزبدة والأعشاب والتوست والبقدونس والثوم وقلبيه
- في صينية ضعي لحم البتلو وفوقه خلطة الفرمنسال ثم ادخليها الفرن إلى أن تحمر وتقدم ساخنة. 

كبدة اسكندراني بشرائح اللحم
  
كبدة بشرائح اللحمالمقادير

- 300 جم كبدة بتلو
- شرائح لحم بتلو
- بصل
- طماطم
- فلفل ألوان
- كمون
- ليمون
- خل
- شطة
- ملح
- فلفل
- بقدونس
- زيت زيتون


الطريقة


- في مقلاة على النار بها زيت ضعي البصل المبشور ثم الثوم وحركي الخليط ثم ضعي الكبدة والقليل من الليمون والملح والفلفل الألوان والطماطم والبقدونس
- حركي الخليط ويمكن وضع فلفل حار على حسب رغبتك وتترك إلى أن تنضج
- قومي بعمل شرائح اللحم بنفس الطريقة السابقة ثم اخلطيها مع الكبدة وتقدم ساخنة  

طاجن اللحم بالزيتون

المقادير‏

- كيلو موزات لحم بتلو .
- 6-8‏ زيتون أخضر مخلل يخلي من البذر ويقطع شرائح‏ .
- 1-2‏ ليمون مخلل يقطع شرائح .
- 2‏ جزرة متوسطة تقطع شرائح .
‏- ثمرة فلفل أخضر تقطع شرائح .
‏- ثمرة فلفل أحمر تقطع شرائح .
- 2‏ ثمرة فلفل حار تترك صحيحة .‏
- عود كرات‏,2‏ بصل أخضر يقطع شرائح .
- 2‏ ملعقة كبيرة زيت زيتون .
‏- ملح‏,‏فلفل‏.‏

الطريقة‏
‏‏
- تقطع موزات اللحم مكعبات وتتبل بالملح والفلفل ثم تشوح في الزيت حتي تحمر من جميع الجوانب‏,‏ ثم ترفع قطع اللحم وتوضع علي ورق مطبخ‏.‏
‏- في الطاسة نفسها توضع جميع الخضراوات وتقلب مدة‏5‏ دقائق‏,‏ ثم يضاف اللحم وتقلب المقادير وتغطي وتترك علي النار مع رفع الغطاء من حين لآخر وتقليبها وإضافة قليل من الماء كلما احتاج الأمر نحو‏15‏ إلي‏20‏ دقيقة‏.‏
‏- يصب المقدار في طاجن ويغطي ويوضع داخل الفرن حتى يتم النضج‏.‏
- يقدم مع الأرز البسمتي‏.‏

شوربة اللحم بالمشروم
  
المقادير :

- 1/4 كيلو مشروم مقطع صغير
- 2 بصله مقطعة صغير
- 1/2 كيلو كريمه لباني
- لتر مرقة لحم
- 1/4 كيلو لحم بتلو مقطع صغير
- 2 ملعقة زبدة
- توابل

الطريقة :

- نقوم بقلي البصل مع اللحم في الزبدة ثم نضع المرقة ، ويترك الخليط علي النار حتي تقترب اللحم في النضج ثم نضع المشروم والكريمة اللباني والتوابل.

- يترك على النار لمدة 10 دقائق ثم يقدم .

لحم البتلو على الطريقة الصينية

المقادير

- نصف كيلو شرائح لحم فخد بتلو.
- بصلة مفرية.
ـ فلفل شاي مسحوق زنجبيل
ـ ملعقة خل
ـ صلصلة الطماطم
ـ مكعب شوربة مذاب في 2 كوب ماء
ـ ربع كيلو عنب.
ـ ملعقة نشا ذرة.

الطريقة

- يضاف اللحم ويصفي ويقطع إلى 8 قطع ويوضع في صينية الفرن.

- بوضع البصل المفري الأخضر والجزر الزنجبيل والخل وصلصة الطماطم والشوربة ثم يغطي الإناء ويزج في فرن متوسط الحرارة لمدة ساعة.

- يسلق العنب ويصفي من السائل مع الاحتفاظ بالسائل ومزجه النشا ويضاف للخليط السابق وبترك في الفرن لمدة 15 إلى 20 دقيقة.

- يغرف في طبق التقديم ويزين بالزبيب ويقدم ساخنا.

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

حرب أكتوبرالمجيدةحرب العبور والتحرير حرب العاشر من رمضان1493 السادس من أكتوبر1973

حرب أكتوبر أو حرب تشرين التحريرية هي حرب دارت بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى في عام 1973م. وتلقى الجيش الإسرائيلي ضربة قاسية في هذه الحرب حيث تم اختراق خط عسكري أساسي في شبه جزيرة سيناء وهو خط بارليف. وكان النجاح المصري ساحقا حتى 20 كم شرق القناة, لكن المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأحداث الثغرة بعد ذلك قللت من النصر المصري. وكان الرئيس المصري أنور السادات يعمل بشكل شخصي ومقرب مع قيادة الجيش المصري على التخطيط لهذه الحرب التي أتت مباغتة للجيش الإسرائيلي.- من أهم نتائج الحرب استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضي في شبه جزيرة سيناء. ومن النتائج الأخرى تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر والتي كان يقول بها القادة العسكريون في إسرائيل، كما أن هذه الحرب مهدت الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل الذي عقد بعد الحرب في سبتمبر 1978م على إثر مبادرة السادات التاريخية في نوفمبر 1977 م و زيارته للقدس. وأدت الحرب أيضا إلى عودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975م.* ملخص الأحداث:- حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي، لا يدرك قيمتها إلا من عاش أيام حرب يونيو 1967، استمرت إسرائيل في الادعاء بقدرتها على التصدي لأي محاولة عربية لتحرير الأرض المحتلة، وساهمت الآلة الإعلامية الغربية في تدعيم هذه الادعاءات بإلقاء الضوء على قوة التحصينات الإسرائيلية في خط بارليف والساتر الترابي وأنابيب النابالم الكفيلة بتحويل سطح القناة إلى شعلة نيران تحرق أجساد الجنود المصريين.- جاء العبور المجيد في يوم السادس من أكتوبر في الساعة الثانية ظهراً باقتراح من الرئيس السوري حافظ الأسد بعد أن اختلف السوريون والمصرين على موعد الهجوم ففي حين يفضل المصريون الغروب يكون الشروق هو الأفضل للسوريين لذلك كان من غير المتوقع اختيار ساعات الظهيرة لبدء الهجوم في العاشر من شهر رمضان، حيث انطلقت كافة طائرات السلاح الجوى المصري في وقت واحد لتقصف الأهداف المحددة لها داخل أراضى سيناء وفى العمق الإسرائيلي.-ثم انطلق أكثر من ألفى مدفع ميدان ليدك التحصينات الإسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة ، وعبرت الموجة الأولى من الجنود المصريين وعددها 8000 جندي ، استشهد منهم النصف تقريباً ثم توالت موجتي العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60000 جندي، في الوقت الذي كان فيه سلاح المهندسين المصري يفتح ثغرات في الساتر الترابي باستخدام خراطيم مياه شديدة الدفع، وسقط في ست ساعات هذا الخط الأسطورة الذي أشاعت إسرائيل عنه أنه لا يقهر إلا باستخدام قنبلة ذرية.-فشلت إسرائيل في استيعاب الضربة المصرية السورية المزدوجة وأطبقت جولدا مائير في الثامن من أكتوبر ندائها الشهير... أنقذوا إسرائيل ... ولأول مرة تظهر صور الأسرى الإسرائيليين في وسائل الإعلام العالمية ليثبت أن العرب قادرين على صنع النصر.* حرب أكتوبر أو حرب الساعات الستة:- كانت الحرب جزءاً من الصراع العربي الإسرائيلي، هذا الصراع الذي تضمن العديد من الحروب منذ عام 1948م. في حرب 1967، احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان في سوريا في الشمال والضفة الغربية لنهر الأردن ومدينة القدس وشبه جزيرة سيناء المصرية في الجنوب، ووصلت إلى الضفة الشرقية لقناة السويس.- أمضت إسرائيل السنوات الست التي تلت حرب يونيو في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ ضخمة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في قناة السويس، فيما عرف بخط بارليف.- بعد وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970م، تولى الحكم الرئيس أنور السادات، أدى رفض إسرائيل لمبادرة روجرز في 1970م والامتناع عن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 إلى لجوء أنور السادات إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب 1967. كانت الخطة ترمي الاعتماد علي جهاز المخابرات لعامة المصرية والمخابرات السورية في التخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية الأمريكية ومفاجأة إسرائيل بهجوم من كلا الجبهتين المصرية والسورية.- هدفت مصر وسورية إلى استرداد الأرض التي احتلتها إسرائيل بالقوة، بهجوم موحد مفاجئ، في يوم 6 أكتوبر الذي وافق عيد الغفران اليهودي، هاجمت القوات السورية تحصينات القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء.- افتتحت مصر حرب 1973 بضربة جوية تشكلت من نحو 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري للجيش الإسرائيلي مجتمعة في وقت واحد في تمام الساعة الثانية بعد الظهر على ارتفاع منخفض للغاية..وقد استهدفت محطات الشوشرة والإعاقة في أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة..ولقد كانت عبارة عن ضربتين متتاليتين قدر الخبراء الروس نجاح الأولى بنحو 30% و خسائرها بنحو 40% ونظرا للنجاح الهائل للضربة الأولى والبالغ نحو 95% وبخسائر نحو 2.5% تم إلغاء الضربة الثانية..- وكان الطيارون المصريون يفجرون طائراتهم في الأهداف الهامة والمستعصية لضمان تدميرها ومنهم على سبيل المثال محمد صبحي الشيخ وطلال سعدالله وعاطف السادات شقيق الرئيس الراحل أنور السادات وغيرهم.- نجحت مصر وسورية في تحقيق نصر لهما، إذ تم اختراق خط بارليف "الحصين"، خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة وأوقعت القوات المصرية خسائر كبيرة في القوة الجوية الإسرائيلية، ومنعت القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في مرتفعات الجولان وسيناء، وأجبرت إسرائيل على التخلي عن العديد من أهدافها مع سورية ومصر، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء في مصر، ومدينة القنيطرة في سورية..ولولا التدخل الأمريكي المباشر في المعارك على الجبهة المصرية بجسر جوي لإنقاذ الجيش الإسرائيلي بدءا من اليوم الرابع للقتال، لمني الجيش الإسرائيلي بهزيمة ساحقة على أيدي الجيش المصري. تم اختيار تاريخ 6 أكتوبر وهو تاريخ مولد الرئيس حافظ الأسد.* نهاية الحرب:- تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتم إصدار القرار رقم 338 الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءا من يوم 22 أكتوبر عام 1973م، وقبلت مصر بالقرار ونفذته اعتبارا من مساء نفس اليوم إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.-وأقر المؤرخون أنه لولا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في إيقاف الحرب الرابعة لكانت إسرائيل قد خسرت الحرب وحصلت أشياء أخرى ربما كانت لتغير من التاريخ فعلاً.- بعد قبول مصر قرار وقف إطلاق النار وتوقيع اتفاقية فصل القوات، تبين للبعض أن هدف السادات من الحرب كان تحريك النزاع بعد أن شغلت القوى العظمى بمشاكلها. لم تلتزم سورية بوقف إطلاق النار، وبدأت حرب جديدة أطلق عليها اسم «حرب الاستنزاف» هدفها تأكيد صمود الجبهة السورية بعد خروج مصر من المعركة واستمرت هذه الحرب مدة 82 يوماً.- في نهاية شهر مايو 1974 توقف القتال بعد أن تم التوصل إلى اتفاق لفصل القوات، أخلت إسرائيل بموجبه مدنية القنيطرة وأجزاء من الأراضي التي احتلتها عام 1967.

الخميس، 8 سبتمبر 2011

فضائل صوم ست من شوال



الحمد لله المتفضِّل بالنِّعم، وكاشف الضرَّاء والنِّقم، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وآله وأصحابه أنصار الدين. وبعد:
أخي المسلم: لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس.

ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بُعده عن التزكية.

لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً، وأهل المعاصي أغلظ قلوباً، وأشد فساداً.

والصوم من تلك العبادات التي تطهِّر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها.. لذلك فإن شهر رمضان موسماً للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب.

وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه، ليخرج من صومه بقلب جديد، وحالة أخرى.

وصيام الستة من شوال بعد رمضان، فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان.

وقد أرشد أمته إلى فضل الست من شوال، وحثهم بأسلوب يرغِّب في صيام هذه الأيام..

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: {من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر} [رواه مسلم وغيره].

قال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: (وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين..).

ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: (قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً).
أخي المسلم: صيام هذه الست بعض رمضان دليل على شكر الصائم لربه تعالى على توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، ورغبة في المواصلة في طريق الصالحات.

قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: (فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً).
أخي المسلم: ليس للطاعات موسماً معيناً، ثم إذا انقضى هذا الموسم عاد الإنسان إلى المعاصي!

بل إن موسم الطاعات يستمر مع العبد في حياته كلها، ولا ينقضي حتى يدخل العبد قبره..

قيل لبشر الحافي - رحمه الله -: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان. فقال: (بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها).

أخي المسلم: في مواصلة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة، يجد بركتها أولئك الصائمين لهذه الست من شوال.
وإليك هذه الفوائد أسوقها إليك من كلام الحافظ ابن رجب - رحمه الله -:
إن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله.

إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة.. وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره من الأعمال.

إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها.

إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، كما سبق ذكره، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب، كان النبي يقوم حتى تتورّم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟! فبقول: {أفلا أكون عبداً شكورا}.

وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره، فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185] فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان، وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقيب ذلك.

كان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة من الليالي أصبح في نهارها صائماً، ويجعل صيامه شكراً للتوفيق للقيام.

وكان وهيب بن الورد يسأل عن ثواب شيء من الأعمال كالطواف ونحوه، فيقول: لا تسألوا عن ثوابه، ولكن سلوا ما الذي على من وفق لهذا العمل من الشكر، للتوفيق والإعانة عليه.

كل نعمة على العبد من الله في دين أو دنيا يحتاج إلى شكر عليها، ثم التوفيق للشكر عليها نعمة أخرى تحتاج إلى شكر ثان، ثم التوفيق للشكر الثاني نعمة أخرى يحتاج إلى شكر آخر، وهكذا أبداً فلا يقدر العباد على القيام بشكر النعم. وحقيقة الشكر الاعتراف بالعجز عن الشكر.

إن الأعمال التي كان العبد يتقرب يها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بإنقضاء رمضان بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حياً..

كان النبي عمله ديمة.. وسئلت عائشة - رضي الله عنها -: هل كان النبي يخص يوماً من الأيام؟ فقالت: لا كان عمله ديمة. وقالت: كان النبي لا يزيد في رمضان و لا غيره على إحدى عشرة ركعة، وقد كان النبي} يقضي ما فاته من أوراده في رمضان في شوال، فترك في عام اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، ثم قضاه في شوال، فاعتكف العشر الأول منه.
فتاوى تتعلق بالست من شوال
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: هل يجوز صيام ستة من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟ الجواب: (قد اختلف العلماء في ذلك، والصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست، وغيرها من صيام النفل، لقول النبي : {من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر}. [خرجه مسلم في صحيحه]. ومن قدم الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان، ولأن القضاء فرض، وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالاهتمام). [مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز:5/273].
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل صيام الأيام الستة تلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة، أو يجوز بعد العيد بعدة أيام متتالية في شهر شوال أو لا؟ الجواب: (لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما تيسر له، والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة). [فتاوى اللجنة الدائمة: 10/391 فتوى رقم: 3475].
وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: بدأت في صيام الست من شوال، ولكنني لم أستطع إكمالها بسبب بعض الظروف والأعمال، حيث بقي عليّ منها يومان، فماذا أعمل يا سماحة الشيخ، هل أقضيها وهل عليّ إثم في ذلك؟ الجواب: (صيام الأيام الستة من شوال عبادة مستحبة غير واجبة، فلك أجر ما صمت منها، ويرجى لك أجرها كاملة إذا كان المانع لك من إكمالها عذراً شرعياً، لقول النبي : {إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً}. [رواه البخاري في صحيحه]، وليس عليك قضاء لما تركت منها. والله الموفق) [مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: 5/270].
أخي المسلم: تلك بعض الفتاوى التي تتعلق بصيام الست من شوال، فعلى المسلم أن يستزيد من الأعمال الصالحة، التي تقربه من الله تعالى، والتي ينال بها العبد رضا الله تعالى..

وكما مرّ معك من كلام الحافظ ابن رجب بعض الفوائد التي يجنيها المسلم من صيام الست من شوال، والمسلم حريص على ما ينفعه في أمر دينه ودنياه..

وهذه المواسم تمرّ سريعاً، فعلى المسلم أن يغتنمها فيما يعود عليه بالثواب الجزيل، وليسأل الله تعالى أن يوفقه لطاعته..

والله ولي من استعان به، واعتصم بدينه..

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلِّم..

صيام ست من شوال


 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه أجمعين وبعد ، فيستحب للمسلم إذا فرغ من صوم رمضان أن يصوم ستة أيام من شهر شوال لما روى مسلم وغيره عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر). ومن كره صومها من أهل العلم لا حجة له في قوله لثبوت السنة في استحبابها من غير معارض أو صارف لها.

وينبغي على المسلم ألا يشدد على نفسه في صومها فيجعل صوم الست بمنزلة الفرض ، فإن كان قادرا على صومها ولا يشق عليه أولا يمنعه من القيام بواجب أو الإشتغال بما هو أهم منه صامها ، وإن كان يشق عليه أو يمنعه من واجب أو يفوت عليه مصلحة راجحة ترك صومها لأنها سنة.

ومن صام رمضان وستا من شوال كان أجره وثوابه كأجر من صام السنة كلها وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها فشهر رمضان عن عشرة أشهر وستا من شوال عن ستين يوما فيبلغ مجموع ذلك العام كله. قال صلى الله عليه وسلم: (صيام شهر رمضان بعشر أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة) رواه النسائي.

ويبتدأ صيام الست من اليوم الثاني بعد العيد ويمتد وقتها إلى آخر يوم من شوال. ويحرم الصوم يوم العيد. ولا دليل على تفضيل البدء بها في اليوم الثاني بل الأمر واسع في ذلك لعموم الخبر. وينبغي على المسلم أن يكون فقيها في ابتداء صومها فإن كان ثم اجتماع للقرابة أو إدخال سرور على الوالدين ونحو ذلك أخر صومها وإلا بادر بها.

ولا يشترط في صيام الست التتابع فمن تابع صومها أو فرقها أول الشهر وأوسطه وآخره أجزأه ذلك. ولا دليل على استحباب متابعتها في الصيام بل يفعل المسلم ما هو أرفق به. وإن كان التتابع غالبا أيسر على النفس.

والصحيح أنه لا يشترط في صيام الست إتمام صوم رمضان ، فمن لم يتم صوم رمضان وبقي في ذمته أيام لم يصمها لعذر جاز له الشروع في صيام الست ومن ثم يقضي تلك الأيام الواجبة المتبقية من شهر رمضان ، لأن قاعدة الشرع في العبادات الموسع في وقتها جواز اشتغال المكلف بالنفل قبل الفرض ، ولأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تؤجل قضاء ما عليها من رمضان إلى شعبان لإشتغالها بالنبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين ويبعد أنها كانت تترك صيام الست وغيرها من النوافل بل الظن بها أنها كانت تواظب عليها ، ولأنه لم يرد في السنة دليل صريح يدل على اشتراط ذلك ، ولأن اشتراط ذلك قد يكون فيه نوع حرج ومشقة على من طال عليه القضاء والشريعة جاءت بنفي ذلك ، ولأن الشارع أطلق الثواب في صيام عرفة وعاشوراء وغيره من النوافل ولم يشترط فيه قضاء رمضان وهذا يشعر أن الأصل في حصول ثواب جميع النوافل عدم اشترط إتمام الفرض فلا فرق بين الست وغيرها من النوافل في ذلك لأن باب التطوع واحد ، ولأن فضل الله وثوابه واسع فلا يضيق ويشدد على العباد بأمر مشكوك لا يقين فيه ، ولأن هذه العبادة لها وقت خاص قد يفوت بخلاف القضاء فوقته واسع طيلة السنة. ولأن مقصود الشارع يتحقق بصوم جميعها سواء قدم القضاء على الست أو أخرها. ومع ذلك فإن الأفضل للمسلم أن يبادر أولا بقضاء الواجب ثم يصوم الست.

أما قوله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا000) فالظاهر أن المراد بذلك: من فرغ من صوم رمضان ثم أتى بالنفل كان له أجر كذا فيكون بيانا لواقع الحال أو خرج مخرج الغالب ، ويصدق لغة وعرفا على من صام أكثر الشهر أنه صامه كله كما وقع التعبير بذلك في كلام بعض السلف ، وليس المراد فيما يظهر قصره على من صام جميع الشهر أداء أو قضاء ، فالحاصل أن هذا الحديث في دلالته إجمال واحتمال فتعين الرجوع في فهمه إلى أدلة الشرع الأخرى وقواعده. وهذا القول مقتضى مذهب جمهور الفقهاء وقال به بعض أهل العلم.

والأظهر أنه لا يشترط في صومها تبييت النية من الليل لأنها تطوع وصيام التطوع لا يشترط فيه ذلك خلافا للفرض الذي يشترط فيه ذلك ، فلا فرق في النية بين التطوع المطلق والمقيد لأن الشارع لم يفرق بينهما و لأنه لا يعرف التفريق بينهما في كلام كثير من الفقهاء ، فقد أخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء فقلنا لا فقال إني إذا صائم ، ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال أدنيه فلقد أصبحت صائما فأكل). فعلى هذا من نوى الصوم في النهار ولم يأكل في يومه الذي نوى فيه أجزأه ذلك واحتسب من صيام الست. وفضل الله واسع.

ومن كان معذورا في شوال لم يستطع صوم الست لسفر أو مرض أو نفاس أو غيره من الأعذار المعتبرة استحب له قضاء الست بعد خروج شوال لأنه يشرع قضاء النوافل لمن كان معذورا كما ثبت في السنة في مواضع.
أما من ترك صيامها لغير عذر وضيعها تهاونا وكسلا فلا يشرع له القضاء لأنه فات وقتها بتفريط منه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.